الصكوك: ما هي وكيف يستفاد منها؟

الصكوك الإسلامية هي إحدى الخيارات المتاحة أمام المستثمر الذي يبحث عن فرص لتحقيق الربح، كما أنها وسيلة يستطيع بوساطتها أصحاب المشروعات والشركات الحصول على التمويل، وهي تمثل 19% من إجمالي الاقتصاد الإسلامي العالمي، حيث قدرت حجم سوق الصكوك في 2020 بحوالي 631 مليار دولار، وهي في زيادة مستمرة حيث بلغت حجمها 904 مليار دولار في 2023، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم خلال خمس سنوات.

فما هي الصكوك الإسلامية؟ وكيف تختلف عن وسائل التمويل الأخرى المعروفة في السوق الحالية؟

لننظر إلى تمويل المشروعات بشكل عام، قبل تناول تفاصيل الصكوك.

كيف يتم تمويل المشروعات غالبا؟

إذا أرادت شركة ما أن تمول مشروعا، فإنها قد تلجأ إلى إحدى الوسائل التالية: إما أن تموله بمال تملكه، أو تبيع حصة من ملكية الشركة أو المشروع مقابل المال، أو أن تقترض مبلغا من المال من جهة ممولة ويصير دينا على الشركة، وعليها سداده في وقت محدد. والصورة المعروفة لجهات التمويل هي البنوك، غير أن ثمة صورة أخرى للدين وهي طرح السندات، وهي وسيلة تقترض بها الجهات من عدة ممولين، وتعتمد غالبا على الفائدة لتحقيق الربح للممول، مما يجعلها غير موافقة للشريعة. تعتبر الصكوك الإسلامية بديلا شرعيا للسندات، وتعتمد على مبدأ الملكية للأصول – لا الدين والفائدة – وما يترتب عليها من المشاركة في الربح والخسارة.

ما هي الصكوك الإسلامية؟

الصكوك لها عدة تعريفات ولكنها ببساطة وثیقة تصدرها جهة ما مقابل قيمة مالية محددة ليشتريها مستثمر، يتملك بها جزءا من مشروع أو أصل ويشارك في نتائجه من ربح أو خسارة بمقدار ما تملّكه، ویتم استثمار الحصیلة الناتجة من بيع الصكوك في مشروع، وللصكوك أجل محدد فإذا حل استردتها الجهة المصدرة وأعطت المستثمر ما دفعه في البداية بالإضافة إلى نسبته من الربح إن ربح المشروع أو مخصوما منه نسبته من الخسارة إن خسر. وتشبه الصكوك الأسهم بشكل كبير، غير أن السهم لا ينتهي عند أجل محدد.

فمثلا إذا أراد صاحب مشروع الحصول على 100,000  جنيه تمويل له، فإنه يستطيع أن يطرح 100 صك كل واحد منها بألف جنيه، ينتهي أجلها بعد عام، فإذا اشترى أحدهم 25 صكا، كان ممولا ومالكا لربع المشروع لمدة سنة بقيمة 25,000 جنيه، وبانتهاء العام ننظر إلى أداء المشروع، فإن حقق ربحا 20,000 جنيه قسمت على أصحاب الصكوك بحسب ما يملكون، فيستحق صاحبنا الحصول على 25,000 جنيه التي دفعها لشراء الصكوك وربع الأرباح وقيمتها هنا 5,000 جنيه، أما إذا خسر المشروع 10,000 جنيه مثلا، فإن حامل الصك يسترد في هذه الحالة 22,500 جنيه، وهو ما دفعه في الصك مخصوما منها ربع الخسارة التي تحملها المشروع، وهذا المثال يشرح نوعا من أنواع الصكوك وهو صك المضاربة، ونتعرض له ولأنواع أخرى بالتفصيل في مقالات أخرى إن شاء الله.

كيف يتم إصدار وشراء الصكوك؟

عملیة إصدار الصك یمكن أن تأخذ أحد شكلین:

·         تصكيك لتمويل مشروع استثماري: فتمثل الصكوك هنا ملكیة شائعة في المشروع بأكمله بما فیه من أصول ملموسة ومتداولة ودیون ونقد والتزامات، ویكون عائد حملة الصكوك ھو دخل المشروع الاستثماري، فتكون الصكوك هنا هي رأس المال الأصلي الممول للمشروع.

·         تصكيك أصول مدرة للدخل: في ھذه الحالة، یتم تحدید أصل (أو مجموعة أصول) منتجة أو مدرة للدخل، ویتم إصدار صكوك لمدة محددة، فیكون حامل الصك مالكا لتلك الأصول في تلك المدة، وعائده یتمثل في عوائد تلك الأصول في هذه المدة.

وفي كلتا الحالتين، تقوم الجهة المصدرة للصكوك بتحديد ما تمثله الصكوك من أصول أو قيمة في نشرة تسمى بنشرة الإصدار، وتحتوي كذلك على أجل الصك الذي يستحق فيه وغير ذلك من شروط وتفاصيل الصك، وتطرح الصكوك للشراء، فإذا قام أحد بشراء الصك لأول مرة سمي هذا اكتتابا. بعض الصكوك يجوز أن يبيعها مشتريها الأول لمشترٍ ثانٍ، ويسمى هذا تداولا. فإذا حان أجل الصك، وجب لحامل الصك استرداد قيمة ما دفع للصك وربحه الإضافي حسب أداء المشروع، وتسمى تلك العملية إطفاءً.

ماذا يمثل الصك؟

من الممكن أن يمثل الصك عدة أمور حسب أنواع الصكوك المختلفة، كأن يمثل أصلا قائمة، أو منفعة، أو خدمة، أو قيمة من المال، أو دينا، أو أن يكون الصك عبارة عن محفظة، هي خليط من تلك الأمور. وبحسب تكوين الصك، تكون له أحكام مختلفة من حيث موافقته للشريعة، وجواز تداوله، والمخاطر التي يحتوي عليها، وطريقة إطفائه، غير أنه لابد أن يمثل في أغلبه الأصول المادية، فإن كان دينا محضا، لم يكن موافقا للشريعة.

إذًا..

يتبين لنا أن الصكوك الإسلامية هي أداة تمويل للمشاريع والشركات والحكومات، وهي ورقة مالية تعتبر بديلا عن السندات، وتشبه السندات في بعض الأمور كما تشبه الأسهم في أمور أخرى، وقد يمثل الصك عددا من الأمور كالأصول والمنافع والخدمات والمال والديون، ويقوم على مبدأ الملكية المؤقتة حتى يحين أجله، ويتمتع صاحب الصك ببعض حقوق الملكية كالمشاركة في ربح وتحمل الخسارة.